حركات الإخوان والولاءات الملتبسة.. الجماعة أم الوطن؟
وإذا كانت الحكومات العربية قد سعت في مرحلة ما بعد الاستقلال إلى تكريس مفهوم الدولة لدى الشعوب حتى يضحي الناس قادرين على العيش في وئام بغض النظر عن اختلافات الطائفة واللغة والدين، تجاهلت تنظيمات الإخوان هذه المساعي وركزت على ما اعتبرته "إطارا جامعا وعابرا للحدود" بل وانتقدت ما أسمتها "قُطرية ضيقة".
وعلى الرغم من سقوط الخلافة العثمانية، رسميا، سنة 1923 بعدما صارت تنعت في آخر أيامها بالرجل المريض، أبقت حركات الإخوان نفسها في حنين متواصل إلى قرون مضت، حتى وإن لم يكن "الباب العالي" في إسطنبول قد أثمر تجربة ملهمة في البلدان التي خضعت له.
وفي ظل هذا التأرجح بين الولاء للوطن والارتماء في حضن جماعة مؤدلجة، يثار في أيامنا هذه نقاش شائك حول جدلية الانتماء لدى أتباع الإخوان، لاسيما أن ممارسات بعض الأحزاب والتيارات في دول عربية أظهرت حجم الضرر الذي يلحق بالدول حين يدين أبناؤها بالولاء لجهات خارجية.
ويحاول أتباع الإخوان أن يجدوا ذرائع لهذا الولاء الخارجي من خلال الحديث عن كون المسلمين أمة واحدة، لكن هذا الكلام الذي يبدو بديهيا، ينطوي على حيلة كبرى، فالإسلام دين سماوي شامل لكل معتنقيه أما الإسلام السياسي فمجرد تيار متشدد يضم قاعدة محدودة من الأتباع.